الثلاثاء، 30 أبريل 2013

حياة شوقي وثقافته

حياة شوقي وثقافته

وملامح شخصيته

الباب الأول

الفصل الثاني : فترة المجد في حياة شوقي


الفصل الثالث : العاطفة الهادئة المركزة التي تنأي عن الصخب

الفصل الأول


مرحلة التعليم


يدخل شوقي في الرابعة من عمره كتاب " الشيخ صالح " ويبدو أن الدراسة في
هذا الكتاب كانت سيئة تعتمد علي التلقين والحفظ في التعليم ، والعصا ، أو
ما هو أقصي منها في التربية ، وهذا ما جعله يصرح بأن إدخاله الكتاب كان "
من أهلي جناية علي وجداني " وينتهي شوقي من دراسة المرحلة الثانوية في سن
مبكرة " سنة 1885 م " ثم ينتهي من دراسة الحقوق والترجمة عن الفرنسية "
سنة 1889 م " وكان في أثناء دراسته للحقوق يتلقى نوعاً أخر من الدراسة
الأدبية ، فقد تتلمذ علي يد الشيخ حسين المرصفي أستاذ البارودي أيضاً وقرأ
معه كتاب " الكشكول " لبهاء الدين العاملي وشعر البهاء زهير وكذلك اتصل
شوقي في هذه المرحلة بالشيخ حفني ناصف وتتلمذ عليه سنتين .

ومع انتهاء شوقي من دراسته الحقوق تكون موهبته قد نضجت وأعلن ميلاد شاعر جديد لمصر .

وصلة شوقي الوطيدة بالقصر ، وبالخديوي توفيق ، أهلته لبعثه يدرس فيها
الحقوق في فرنسا أوائل سنة 1891 م ، حيث قضي سنتين في باريس وثالثة في
مونبلييه ، وكان هدف توفيق من هذه البعثة أن يصقل موهبته ، ليكون شاعره "
الخاص " المسبح بحمده ، والمتحدث باسمه لذلك يطلب منه في إحدى رسائله أن
يتمتع بمعالم المدينة القائمة أمامه وأن " تأتينا من مدينة النور باريس
بقبس تستضئ به الآداب العربية .

علي أن شوقي – فيما يبدو – كان يقف من الأدب ومذاهبه موقف الهاوي المتذوق
، يتأثر بشعراء أو بجوانب من فنهم ، وليس بسمات محددة " لمذهب بعينه " وقد
صرح منذ وقت مبكر بإعجابه بثلاثة شعراء فرنسيين علي اختلاف اتجاهاتهم وهم
( فيكتور هوجو – ألفرد دي موسيه – لامرتين ) ، وفي أواخر حياته سنة 1921 م
كان شعراء العربية عنده آثر من أي شاعر أخر وننتهي إلي أن تأثر شوقي
بالآداب الغربية لم يكن منظماً ، بحيث يبدو واضح المعالم في أدبه بصفة
عامة باستثناء " شكسبير " الذي تتبعه بدقة في مسرحيته " كيلوباترا " .
الفصل الأول : في مرحلة التعليم

الفصل الثاني
فترة المجد في حياة شوقي وفنه


يعود شوقي من بعثته أواخر سنة 1893 م بعد وفاة الخديوي توفيق ، ليعمل في
معية عباس حلمي الثاني بعد أن أقنع به وهما يقتربان بحكم السن بدرجة
تذكرنا بعلاقة المتنبي بسيف الدولة الحمداني ، وتشهد الفترة من سنة 1893 :
1914 م ، سنوات المجد الاجتماعي والأدبي بالنسبة لشوقي .

فمن الناحية الاجتماعية كان شوقي شخصيه مرموقة في بلاط الخديوي ، وصار من
أقرب المقربين إليه ، يوفده مندوباً عنه إلي الخارج ، ويحضره ندواته
واجتماعاته السياسية باعتباره أحد رجاله ، ونتيجة لهذا التقارب , كان شوقي
فيما يبدو – المعبر برضي واقتناع – عن سياسة القصر ومدح الخديوي ، وتحددت
صلته برجال الأمة وزعماء السياسة بحسب قربهم أو بعدهم من القصر .

الناحية الفنية :

فقد أسهم شوقي في الإحياء الشعري وبدايات التجديد بمحاولات كثيرة كماً
وكيفاً ، فشعره في هذه المرحلة يمثل مرحلة متقدمة من مراحل إحياء الشعر
العربي التي بدأها البارودي ، حيث صارت الجملة الشعرية أصفي لغة ، وأثري
خيالاً ، وأقوي تركيباً ، محمله طاقه غنائية عذبة ، موظفة عناصر التراث
القديم ومطورة لها ، وهذه العودة إلي مصادر العروبة في الفن هي التي وحدت
" الذوق " العربي حول شعر شوقي ، وأهلته بالتالي ليكون أمير الشعر العربي
سنة 1927 م .

كذلك نجد عند شوقي في أثناء هذه الفترة بدايات للشعر " الوجداني " المعبر عن الزاد مثل قصيدته عن النفس التي يبدأها بقوله :
 وبت تنكرني اللذات والطرب     صحوت واستدركتني ، شيمتي الأدب

ويذكر فيها بعد ذلك :

 وما أنلت بني مصر الذي طلبوا        أوشكت اتلف أقلامي وتتلفني
 فلن تذيب سوي أغمادها القضب       هموا رأوا أن تظل القضب مغمدة
ويكاد ينفرد شوقي أيضاً في هذه المرحلة ، بما يمكن أن نساله بالشعر الوطني
الذي يستلهم تاريخ مصر منذ الفراعنة مشيداً بحضارتها الخالدة ، وتاريخها
العريق تعبيراً عن رغبة مصر في التحرر والاستقلال والقيام بدورها .

الفصل الثالث
العاطفة الهادئة المركزة التي تنأي عن الصخب

وأقتبس هنا ما ذكره الدكتور محمد زكي العشماوي عن هذه العاطفة " إنها
العاطفة الخاضعة لسلطان العقل والفن ، وليست العاطفة المشبوبة بغير قيد أو
شرط ، فالعاطفة مهما بلغ صدقها لا تستطيع وحدها أن تحقق الفن ، إنها عامل
أساسي وجوهري في التجربة الشعرية ، ولكن لابد أن تمتزج بعقل الفنان الخالق
امتزاجاً يحقق الاعتدال والتوازن ، ذلك أن الذي يحدد القيمة النهائية
للعمل الفني هو الفن ، لا العاطفة المشبوبة ، أو الصادقة وحدها .

هنا يختلف شوقي عن حافظ ، فبينما يؤثر شوقي العاطفة الهادئة ، الخاضعة
لسيطرة الشاعر ، والتعبير عن الانفعالات الجياشة الصاخبة ، إذ بحافظ يؤثر
طبيعته الخاصة التي تتمثل في قدرته علي إثارة الانفعال بما يمتلك من عاطفة
مشبوبة ، ومن هدير الخواطر المتدفقة ، ومن اللغة التجسيدية ذات الإيقاع
الخاص والتوتر الخاص ، لغة كلغة الأقدمين ، لغة ترج وتجرف ، ذات موج عال
من الانفعال ، ولكي نخرج من التجريد إلي التحديد ، دعنا نتخير المقطعين
الأولين من رثاء حافظ وشوقي لسعد زغلول " توفي 1927 م " ، وقول حافظ :
إيه ياليل هل شهدت المضابا  كيف ينصب في النفوس انصبابا
 أن الرئيس ولي وغابا   بلغ المشرقين قبل انبلاج الصبح
 وانع للنيرات سعداً فسعد  كان أمضي في الأرض منها شهابا

يقول شوقي :
 شيعوا الشمس ومالوا بضحاها وانحني الشرق عليها فبكاها
 " يوشع " ، همت ، فنادي ، فثناها   ليتني في الركب لما أفلت

علي أن الذي أكسب الصورة روعتها ، ومنحها هيبتها تلك العلاقات التي تآلفت
من كلمات البيت والتلاؤم الموسيقي بين " شيعوا " و " مالوا " وبين " أنحني
الشرق عليها " ثم بين " ضخاها " و" بكاها " ، ثم انتشار حروف المد علي طول
البيت بإيقاع متناغم ، هذا التلاؤم لا ينصرف تأثيره إلي مدي تفاعل هده
الأصوات ، بل بالإحساس العام الذي ينتهي إليه البيت ، وبالموجة الهادئة
التي تخطوا خطوات حزينة وفي نغم موقع .

فإذا انتقلنا إلي البيت التالي ، وجدنا شوقي يستعين في إشاعة الحزن
بمهارات أخري ، فاستعاد موقف النبي " يوشع " الذي طلب من ربه أن يؤخر له
مغرب الشمس فاستجاب له ربه ، فليت شوقي كان في موقف يوشع ، حين همت الشمس
بالغروب ، فنادي ربه فاستجاب له ، فثناها عن الغروب ، استطاع شوقي
باستعارة موقف يوشع أن يعبر عن حسرته لاغترابه وحرمانه من تشييع جنازة سعد
، ومن جزعه لفراقه . ومن إدراكه للخسارة التي تكبدها الشرق كله بموت سعد ،
والتي كانت تحتاج إلي معجزة تؤخر حدوثها .

ويكفيك أن تقرأ البيت الثاني مره ثانية ، لكي تري ما فعله شوقي بموسيقي
البيت ، حين توالت كلمات بعينها مثل " أفلت " في نهاية الشطر الأول ، ثم "
همت " " فنادي " " فثناها " في الشطر الثاني ، ثم أليس العطف بالفاء – هو
الأخر ، قد منحنا الإحساس أمام حدث جلل ، يوشك أن يقع ، ولا بد من تفاديه
بأي ثمن ... ولعلنا بهذا الشاهد نكون قد أوضحنا ما عنيناه من قبل حين قلنا
، أن عاطفة شوقي ليست مدفوعة بغلبة الانفعال الصاخب ، أو الحاد ، ولكنها
العاطفة التي يحكمها عقل الفنان الخالق وأرادته الفنية حين يسيطران علي
التجربة ، ويخضعان لسلطانهما ، أقول ، ومن اليسير أن نربط بين هذه العاطفة
وبين " موقف " شوقي من التجديد ، بهذه الدرجة من الهدوء أخذ من التجديد ما
يتواءم مع مزاجه والأمر يختلف مع حافظ .

الباب الثاني



الفصل الأول : الاعتماد علي الإيقاع الموسيقي اعتمادا واعيا بوظيفته في المعني
الفصل الثاني : تدفق الصور الفنية المنبثقة من الصورة العامة للعمل الفني
الفصل الثالث : كيف كان شوقي ينظم شعره ؟
الفصل الرابع : من المعاني الوطنية في شعر أحمد شوقي


الفصل الأول
الاعتماد علي الإيقاع الموسيقي
اعتمادا واعيا بوظيفته في المعني

حديثنا عن موسيقي شوقي هو ركيزة البحث ، لأننا نبحث عن خصائص موسيقاه من
خلال فنون البديع ، وهنا . سنتكلم عن " الموسيقي العامة التي تندرج تحتها
فنون البديع الإيقاعية ، ويجمل الدكتور شوقي ضيف وصف هذه القدرة المتميزة
عند شوقي ، بقوله " ... ولا أبالغ إذا قولت أنني لا أستمع إلي قصيدة طويلة
لشوقي حتى أخال كأنني استمع حقاً إلي " سيمفونية " فموسيقاه تتضخم في أذني
واشعر أنها تتضاعف ، وكأن مجاميع من مهرة العازفين يشتركون في إخراجها ،
وفي إيقاع نغماتها ، ولا أرتاب في أن ذلك يرجع إلي ضبطه البارع لآلات
ألفاظه ، وذبذباتها الصوتية ، وليست المسألة مسألة حذق أو مهارة فحسب ، بل
هي أبعد من ذلك غوراً ، هي نبوغ وإلهام ، وإحساس عبقري بالبناء الصوتي
للشعر ، وهذه الروعة في الموسيقي تقترن بحلاوة وعذوبة لا تعرف في عصرنا
لغير شوقي وربما كانت تلك آيته الكبرى في صناعته ، فأنت مهما اختلفت معه
في تقدير شعره ، لا تسمعه حتى ترهف له أذنك ، وحتى تشعر كأنما يحدث فيها
ثقوباً ، هي ثقوب الصوت الصافي الذي تهدر به المياه بين الصخور ، والصوت
يعلو تارة فيشبه زئير البحار حتى تهيج ، وينخفض تارة فيشبه قطرات الفضة
التي تسقط من مجاديف الزوارق ، وهي تجري سابحة علي صفحة النيل ... " .

ولنأخذ مثالاً علي ذلك قصيدة " النيل " التي نظمها سنة 1914م ، يقول فيها :
 وبأي كف في المدائن تغدق                من أي عهد في القرى تتدفق
 من عليا الجنان جداولاً تترقرق          ومن السماء نزلت أم فجرت
وإذا استرسلنا مع بقية القصيدة استخرجنا المزيد من الدرجات الموسيقية ،
المتراوحة بين السرعة حين يكون الحديث عن التدفق والانفجار والانسكاب وبين
الهدوء والتدرج حين يكون عن أثار النيل فيما حوله من قري وحقول وحياض
وبرود مختلف ألوانها .

الفصل الثاني

تدفق الصور الفنية المنبثقة
من الصورة العامة للعمل الفني

وأعني بتدفق الصور ، انبثاقها من بؤرة واحدة ، تنطلق جميعاً هنا وهناك ،
ولكنها ترتبط بصلة وثقي بالمنبع ، وتدور حول فلك الأصل الواحد ولنأخذ
مثلاً لذلك قصيدة " الهلال " التي نظمها في عيد ميلاده الثلاثين ، يقول
فيها :
 لعمره ما في الليالي جديد             سنون تعاد ودهر يعيد
 فكيف تقول الهلال الوليد               أضاء لآدم هذا الهلال
 ويحصي علينا الزمان البعيد           نعد عليه الزمان القريب
علي صفحتيه حديث القري  وأيام عاد ودنيا ثمود
 وطيبة مقفرة بالصعيد                 وطيبة أهله بالملوك
 ويفني ببعض سناه الحديد              يزول ببعض سناه الصفا
 يبيد الليالي فيما يبيد                      ومن عجب وهو جد الليالي
 فيا ليت شعري بماذا تعود ؟           يقولون يا عام قد عدلت لي
لقد كنت لي أمس ما لم أرد              فهل أنت لي اليوم ما لا أريد
 شكي في الثلاثين شكوي لبيد           ومن صابر الدهر صبري له
 كأني " حسين " ودهري " يزيد "      ظمئت ومثلي بري أحق
 وداريت حتى صحبت الحسود          تغابيت حتى صحبت الجهول
نظم شوقي هذه القصيدة في مناسبة عيد ميلاده الثلاثين ، لقد انصرم عام أخر
من عمره ، ومن ثم كان من الطبيعي أن يلقي بنظره إلي الوراء ، ليري حصيلة
هذا العام ، بل ومقدار ما أنجزه في الثلاثين التي مضت ، إنه ليشعر بان تلك
السنون الخالية كانت جميعاً من نمط واحد ، فإحساسه بأن حياته مرت كلها علي
وتيرة واحدة يدفعه إلي إسقاط هذه الرتابة علي الزمن ذاته .

" سنون تعاد ودهر يعيد " هذه هي القضية العامة الذي يستهل بها الشاعر
قصيدته ولفظة " تعاد " تعني أن الدهر يرجع السنين لنا كما هي ، أو يجعلها
تؤوب إلينا كما رحلت عنا ، وهي تعني كذلك أن الدهر " يكرر " هذه السنين ،
وغني عن الذكر ما في المدلولين – وكلاهما مقصود – من صفة الرتابة والآلية
، السنون تعود وتعاد ، ولا شئ جديد .

والهلال يطل علي آدم ، ومن ولد آدم عاد وثمود .

ومن ولده المصريون بأمجادهم ، ومنهم أجداد الشاعر وآباؤه ، وهم العرب
المصريون ، ومن ولدهم الشاعر نفسه ، ومع الشاعر تتقلب الأيام بالأحداث ،
وعما رأته قبيلة عاد وقبيلة ثمود من عز ونعمة ثم دمرتا ، بل لا تختلف عما
رآه الصخر ، لقد كان صلداً فتفتت ، أو الحديد ، كان جلمداً فتذوب ، حتى
وجد الشاعر نفسه وقد شكي شكوي لبيب بعد أن طال به الأجل ، وهو لم يتجاوز
الثلاثين من عمره فهو آدم ، وهو طيبة ، وهو الصفا ، وهو الحديد ، بل هو
الحسين المغتال ، ودهره يزيد الجبار ، ولكن أتري ثمة علاقة بين قومه وقوم
عاد أو ثمود ؟ أتري ثمة علاقة بينه وبين صالح أو هود ؟ ولم لا ؟

أتري ثمة علاقة بينه وبين الهلال ، يضئ للناس في الأرض وهو مقيد بضوء الشمس ؟!

إن ظهور الهلال في عيد ميلاد الشاعر كان تبعاً لتدفق صور لا تنتهي ولو
أراد أن يتعقبها لما توقف عند البيت الثاني عشر ، لأن الدائرة التي رسمها
كانت غنية بالعطاء .

فشوقي كثيراً ما يجنح إلي استقصاء الصور الجزئية المرتبطة بالصورة العامة
لموضوعة وقد يصل بها الشكل النهائي إلي شكل دائري أو غير دائري ، ولكنه
مسبوك سبكاً ، ومتصل اتصالاً ، من كلا طرفيه .

وغني عن البيان أنني قد عرضت للخصائص التي لم يختلف عليها الكثير من دارسي
شوقي وشعره ، ولم أتحري الاستقصاء لانتزاع خصيصة هنا أو هناك ، أو ملمحاً
غاب عن الأذهان فقد احتاج إلي الرجوع إلي هذه الخصائص البارزة ، وقد
تستوقفني خصيصة أخري في ثنايا معالجتي لفنون البديع عند شوقي ، ولكن ما
اسعي إليه هو " بديع شوقي " لا " البديع البلاغي " .

 كيف كان شوقي ينظم شعره ؟

الفصل الثالث



يقول داوود بركات رئيس صحيفة الأهرام في عصره : كانت الحادثة من الحوادث
تقع صباحاً ، فلا يحل المساء حتى تذاع بين الجمهور بقصيدة شوقي ، لأنه كان
للحوادث تأثير شديد فيه ، يهز أعصابه ويستثير نفسه ويحفز خياله . وكان
أكثر ما ينظم الشعر وهو ماش أو واقف أو جالس إلي أصحابه ، يغيب عنهم بذهنه
وفكره ، يجلس إلي مكتبه للتفكير وعصر الذهن ، فإذا جلس إلي المكتب فلتدوين
ما يكون قد نظمه واستوعبه في ذاكرته فبين سيجارة وأخري يجد فكرته ، وبين
كلمه وأخري يجد الظرف الموافق لهيكل الفكرة .

أنه ينظم بين أصحابه فيكون معهم وليس معهم ، وينظم في المركبة وفي السكة
الحديدية وفي المجتمع الرسمي ، وحين يشاء وحيث يشاء ، ولا يعرف جليسه أنه
ينظم إلا إذا سمع منه بادئ بدء غمغمة تشبه النغم الصادر من غور بعيد ، ثم
رأي ناظريه وقد برقا وتواترت فيهما حركة المحجرين ثم بصر به وقد رفع يده
إلي جبينه ، وأمرها عليه إمراراً خفيفاً هنيهة بعد هنيهة ، فإذا قوطع في
خلال النظم انتقل إلي أي حديث يباحث فيه ، حاضر الذهن صافية جميل البادرة
كعادته في الحديث . ثم إذا استأنف ذلك المنظوم ولو بعد أيام طوال عاد إليه
كأنه لم ينقطع عنه مستظهراً ما تم منه ، حافظ لبقية المعني الذي يضمره
ويكتب القصيدة بعد تمامها وربما نسيها شهراً ثم ذكرها فكتبها في جلسة
واحدة .

لم يكن شوقي يختار وقتاً معلوماً لنظم شعره فهو مستعد دائماً لإقتبال ربة
الشعر كي تنزل عليه بإلهامها ، لكن المعروف عنه أنه كثيراً ما ينظم الشعر
بعد قضاء سهراته في المطاعم والنوادي وقد يظل ينظم حتى منتصف الساعة
الرابعة من الصباح ، وكأنه يسوي ليلاً ما صادته شباك ذاكرته نهاراً .

الفصل الرابع

من المعاني الوطنية
في شعر أحمد شوقي


يزخر ديوان شوقي بالمعاني الوطنية المتنوعة ، وقد ضمنت الصحف انتشار
قصائده وسرعة رواجها بين الناس كما ساهمت المناسبات المتزاحمة في ربط
الصلة بين معانيه الوطنية ومعاصريه ، فقد كان حساساً لما يجد علي أرض مصر
من حوادث حتى وهو في منفاه ، يلتقطها ليصدع من خلالها برأي أو موقف .

وقد رأينا أن نقسم هذه المعاني الوطنية في الشوقيات علي النحو التالي :

- نقد الإنكليز والمتواطئين معهم
- الوفاء لتراث مصر
- حب الوطن والتنويه بأبطاله
- استنهاض الهمم
- الإيمان بالشعب وبالمؤسسات والدستور
- التنويه بالثورة العربية
- الدعوة إلي العلم والمعرفة
- التسامح الديني

لئن كانت المعاني الوطنية في شعر شوقي موصولة العري متماسكة الأركان ، إلا
إن الباحث يحتاج إلي تصنيفها والنظر إلي زواياها المختلفة وقد اعتبرت هذه
المعاني الوطنية في مد وجذر بتوجه فيها شوقي بالقول للاستعمار حيناً و إلي
الشعب المصري ومجاهديه حيناً أخر .

لمتابعه الجزء الثاني

لمتابعه الجزء الثالث

لقاء الطفلة مريم مع امير الشعراء

 لقاء مع أمير الشعراء أحمد شوقي


مريم: السلام عليكم ورحمة الله و بركاته...أهلاً بالشاعر العظيم. يُسعدني -أنا مريم الصحفية الصغيرة المبتدئة- أن أُجري معك هذا اللقاء.

أحمد شوقي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. مرحبا بصحفية المستقبل.
 مريم: هل لك أن تُعرّفنا قليلاً بنفسك؟! 

 الاسم: أحمد شوقي.
الموطن: مصر/ القاهرة
تاريخ الميلاد: 1868
عِشتُ في حي "المطرية" أحد أحياء القاهرة
والِدي "علي شوقي بن أحمد شوقي" ذو أصل كُردي... و أمّي تُركية الأصل. وأنا مُنْحَدِرٌ من أسرة مثقّفة.
كفلتني جدتي من أمي منذ أن كنت صغيراً.                      
         ​
   
علي شوقي والد الشاعر أحمد شوقي                                        ​
  
 لما بلغت الرابعة من عمري التحقت بالكُتّاب، فحفظت قدرًا من القرآن، وتعلّمت مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحقت بمدرسة المبتديان الابتدائية، وأظهرت فيها نبوغًا واضحًا كوفئت عليه بإعفائي من مصاريف المدرسة. درست الحقوق، وبعد عامين نلت شهادة في الترجمة، ثم سافرت لدراسة القانون في الخارج (وتحديدا بفرنسا)؛ وفي هذه الأثناء درست الأدب الفرنسي. وتخرجت في 18 يوليو عام (1893).
عدت إلى مصر بعد الانتهاء من الدراسة في فرنسا عام (1894).

مريم: مدرسة الإحياء والبعث .. لطالما تردد هذا الاسم على آذاننا، نرجو أن تُعرّفنا أكثر بتلك المدرسة؟

أحمد شوقي: مدرسة "الإحياء والبعث" هو اسم أُُطلق على الحركة الشعرية التي ظهرت في أوائل العصر الحديث.
ويُقصد بذلك الاسم، أنه كما تعود الروح إلى الجسد فتحييه من جديد؛ فذاك هو الحال مع الشعر العربي الذي أخذ في الضعف بعد سقوط بغداد في أيدي التتار .. فهو سيعود للنهوض من جديد!!
ويُعَد "محمود سامي البارودي" رائد هذه المدرسة ( أي الإحياء والبعث). وقد التزمت أنا وشعراء آخرون بمنهج هذه المدرسة في تأليف الشعر (كالشعراء حافظ إبراهيم (شاعر النيل)، وأحمد محرم، وعلي الجارم، وغيرهم...)
أمّا منهج هذه المدرسة، فهو مطبوع بسمات الشعر العربي القديم... إذ تقيد الشعراء فيه بالبحور الشعرية المعروفة، وبقافية واحدة في كل قصيدة ..هذا بالإضافة إلى استخدام أساليب المديح والرثاء والغزل والوصف؛ وهي الأغراض التقليديّة في قول الشعر عند العرب.
 وتعد هذه المدرسة إحدى أكبر الأعمال التي ساهمت فيها.

مريم : حسناً ربما سأشارككم في هذه المدرسة مستقبلا لو أُغرمت بقول الشعر، لكن لو تفضلت عدّد لنا البعض من أهم أعمالك الأدبيّة؟

* ديوان الشوقيات
اسم الكتاب: الشوقيات
للمؤلف: أحمد شوقي

​ وهو ديوان يحتوي على كثير من أشعاري، تناولت فيها مواضيع متنوعة ومتعددة. وقد قُسم إلى أربعة أجزاء
تحدثت القصائد في الجزء الأول عن السياسة والتاريخ والاجتماع ، من أشهرها القصيدة "الهمزية" و"نهج البردة".
الجزء الثاني احتوى قصائد الوصف والغزل، و غيرها من القصائد المتنوعة.
الجزء الثالث نظم الشعر بأسلوب الرثاء فقط.
الجزء الرابع يشتمل على قصائد متنوعة:
ففيه قصائد عن السياسة والتاريخ، وفيه قصائد تدل على مناسبات خاصة بي (ولذا أُطلق عليها اسم "الخصوصيات")، وفيه قصائد عن الحيوانات؛ وهي عبارة عن قصص شبيهة بقصص "كليلة و دمنة"، وفيه كذلك قصائد للأطفال.

* المسرحيات:
كنت أنا أول من أدخل الفن المسرحي إلى الأدب في الوطن العربي.. ومن أهم مسرحياتي:
* مسرحية "مصرع كليوبترا"

* مسرحية "مجنون ليلى"... وهي مسرحية شعرية

مريم: إذاً ما سر حصولك على لقب أمير الشعراء يا ترى؟

شهد الجميع بعبقريتي الفذة .. فكانت لي مكانة مرموقة في نفوس جميع الشعراء؛ لذا تم إقامة مهرجان خاص في القاهرة، قام الشعراء فيه بمبايعتي على السيادة في هذا المجال، ومنحوني لقب (أمير الشعراء) سنة 1927م.

  بعدها قام الشعراء بإلقاء القصائد في مدحــي .. منها ما قالــه "حافظ إبراهيم":
أمير القوافي قد أتيت مبايعًا وهذى وفود الشرق قد بايعت معي..​

إضافة إلى ما قاله الشاعر "محمود أبو الوفا":
وخالد الشعر سوف يبقى مرايا تجتلي في صفائها الأشيـاء ...

                       يا أمير البيان إنّ بيـاني فيـك اعتنت عبرتـه الأضـواء   

مريم : والآن نريد أن نتعرف على صفات شعرك والمجال الذي اهتممت به؟

أحمد شوقي: أنتِ تُخجلين تواضعي الشديد.. ولكنني سأتحدث بكل وضوح..
تميز شعري بالتنوع؛ فأبدع قلمي في كثير من المواضيع.
فكتبت في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم..

وكتبت أيضا مدحا للمعلم تقديرا لقيمته في قصيدة بعنوان "قم للمعلم"، وكتبت في حب وطني مصر.
كتبت في السياسة ومشاكل الدولة "مما كان سبباً لنفيي إلى الأندلس"
إضافة إلى أنني كتبت عن المواضيع الاجتماعية التي رأيتها في عصري.
ومن أكثر ما ميّزني عن غيري من الشعراء هو تعبيري عما يدور بداخلي بكل شفافية ووضوح، فما أعجبني أمتدحته وما خالفته ذممته، غير مبالٍ بصحة ما أتحدث عنه أو خطئه، متجاهلاً رأي الآخرين ..
مما جعل كلماتي متصفة بسمة خاصة هي الصدق!!
استخدمت أسلوب الرثاء بأنواعه الثلاثة: الندب والتأبين والعزاء.
استخدمت أيضاً الغزل بكثرة، إضافة إلى الوصف.

 تميزت بالذكاء والفطنة، وهذا ما يشهده لي زملائي ومُعلمي ..
فتحدث عني الشيخ البسيوني "أحد علماء الأزهر"  مما كان له الدور الأكبر في اهتمامه الخاصّ بي.

مريم : أصدقائي أريد ان أحدّثكم قليلاً عن متحف أحمد شوقي​

 هو متحف يقع على كورنيش النيل في الجيزة بمصر، وقد تم بناء هذا المتحف تكريماً "لأمير الشعراء".

 واتخذ بناء المنزل تصميماً مسرفاً لقصر أبيض اللون، وهو محاط بحديقة خضراء، افتُتح المتحف رسميا في 17 يونيو 1977. يوجد في حديقة المتحف تمثال كبير للشاعر من البرونز قام بنحته الفنان المصري "جمال السجيني". حيث تم ازاحة الستار عن التمثال في الذكرى الخمسين لوفاة الشاعر الكبير. وقد أمرت الحكومة الإيطالية في 1962 بصناعة تمثال للشاعر أحمد شوقي ليوضع في حدائق "فيلا بورغيزي" إحدى أشهر وأكبر حدائق روما، بوصفه فناناً عالمياً.

 داخل المتحف في الطابق الأرضي (وتحديدا في جناح محمد عبد الوهاب) توجد مكتبة "أحمد شوقي"، وهي تحوي 332 كتاباً؛ إضافة إلى مسودات شعره بخط يده. وهناك أيضا أعمال منسوبة للمطرب والملحن "محمد عبد الوهاب" الذي قدمه أحمد شوقي إلى الفن، والذي قدم أعمالاً من كتابة أحمد شوقي. كما توجد مكتبة سمعية عالية التقنية في المتحف تحوي تسجيلات لأداء غنائي لعبد الوهاب بحضور أحمد شوقي.

الطابق العلوي يتضمن غرفة نومه إضافة لغرفة نوم زوجته خديجة شاهين. كما يوجد بغرفة أخرى بالطابق العلوي أكثر من 750 مخطوطة ومسودة لأعمال الشاعر، ومجموعة من اللوحات الزيتية والتحف والصور التي تتعلق بحياة أحمد شوقي.

كما توجد غرفة أخرى تحوي عددا من الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير والهدايا التي حصل عليها الشاعر الراحل.

مريم: وفجأة  لمحت أثناء جلوسي شيئاً جعلني حزينة إنه التقويم المعلق على الجدار .. اليوم الذي عُدت إليه إنه...  الرابع عشر من أكتوبر من سنة 1932.
لا يمكنني أن أبقى أكثر .. لا أريد أن أرى رحيل ذلك الشاعر العظيم..
في ذلك اليوم غادر أحد أروع الأدباء .. لكنه خلّف وراءه ذكرى عظيمة ..
ذكرى ستظل عالقة في نفس كل إنسان اهتم بالشعر الراقي
ذكرى شاعر عظيم فتح أبواباً في الأدب العربي لم يطرقها أبداً شاعر قبله ..
الآن سأعود من حيث أتيت، وأترك زمن الفن الجميل .. ولكن قبل عودتي كان علي أن أودع أمير الشعراء أحمد شوقي

أتمنى يا أصدقائي أن تكونوا قد استفدتم من تلك الرحلة الممتعة، وتعرفتم أكثر على شخصيتنا الرائعة...

طفلة تتخيل لقاء مع احمد شوقي


أهلاً و سهلاً بكم مجدداً أعزائي القراء .. لنا اليوم وقفة و لقاء مع الشاعر أحمد شوقي كما ذكرنا مسبقاً
لن أطيل عليكم .. فتفضلوا مع تمنياتي لكم بقراءة ممتعة

لقاء مع شوقي


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

أهلاً بالشاعر العظيم يسعدنا نحن صحفيو مجلة مكسات الثقافية المتخصصة بروائع الأدب العربي أن نجري معك هذا اللقاء

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
^^


هل لك أن تعرفنا قليلاً عن نفسك ^^ ؟!

الأسم : أحمد شوقي.
الموطن : مصر / القاهرة
تاريخ الميلاد : 1868

عشت في حي "المطرية" أحد أحياء القاهرة والدي "علي شوقي بن أحمد شوقي" ذو أصل كردي.. و أمي تركية الأصل ،إضافة إلى أنني من أسرة مثقفة .

كفلتني جدتي من أمي منذ أن كنت صغيراً .
بداية تعليمي كانت في كُتٌاب الشيخ صالح عند بلوغي سن الرابعة عشر ،
بعدها أتممت المرحلة الأبتدائية و الثانوية و أنا في سن الخامسة عشر ، بعد أن ألتحقت بمدرستي "المبتديان" و " التجهيزي".
أُعفيت من المصروفات بسبب تميزي .
درست الحقوق و بعد عامين نلت شهادة في الترجمة ، ثم سافرت لدراسة القانون في الخارج (في فرنسا) ،
و في هذه الأثناء درست الأدب الفرنسي حتى تخرجت في 18 يوليو عام (1893).
عند عودتي إلى مصر بعد الأنتهاء من الدراسة في فرنسا في عام (1894) .. أصبحت لي مكانة مقربة عند الخديوي .

مدرسة الإحياء و البعث .. لطالما تردد هذا الأسم على آذاننا ، نرجو أن تعرفنا أكثر على تلك المدرسة .

مدرسة الإحياء و البعث هو اسم يطلق على الحركة الشعرية التي ظهرت في أوائل العصر الحديث .
يُقصد بأسم الإحياء و البعث .. أنه كما تعود الروح إلى الجسد فتحييه من جديد
فهذا هو الحال مع الشعر العربي الذي أخذ في الضعف بعد سقوط بغداد في أيدي التتار .. لكنه سيعود للنهوض من جديد !!
يعد محمود سامي البارودي هو رائد مدرسة الإحياء و البعث ،
و التزمنا بهذا النهج [ أنا ] و الشعراء : حافظ إبراهيم (شاعر النيل) ، وأحمد محرم ، وعلي الجارم ، و غيرهم .
أتسمت هذه المدرسة بسمات الشعر العربي القديم .. فتقيد الشعراء فيها بالبحور الشعرية ، و قافية واحدة في كل قصيدة ..
إضافة إلى أستخدام أساليب المديح والرثاء والغزل والوصف .
|| تعد هذه المدرسة إحدى أكبر الأعمال التي ساهمت فيها  ||

  !!
حسناً ربما سأذهب لأشارككم في هذه المدرسة أسرد لنا بعض أهم أعمالك لو سمحت  .

- ديوان الشوقيات
أسم الكتاب: الشوقيات
للمؤلف : أحمد شوقي [أنا]


ديوان يحتوي على كثير من أشعاري.. و التي تناولت فيها مواضيع منوعة و متعددة .
و قد قسم إلى أربعة أجزاء
تحدثت القصائد في الجزء الأول عن السياسة و التاريخ و الأجتماع ، من أشهرها القصيدة "الهمزية " و "نهج البردة" .
الجزء الثاني أحتوى قصائد الوصف و الغزل ، و غيرها قصائد متنوعة .
الجزء الثالث تناول الشعر بأسلوب الرثاء فقط .
الرابع يشتمل على قصائد متنوعة :
فيه قصائد عن السياسة و التاريخ ، فيه قصائد تدل على مناسبات خاصة لي ^^ و لذا أُطلق عليها أسم "الخصوصيات" ،
فيه قصائد عن الحيوانات .. و هي عبارة عن قصص شبيهة بقصص "كليلة و دمنة" ،
و فيه قصائد للأطفال .

- المسرحيات :
كنت أنا أول من أدخل الفن المسرحي في الوطن العربي .. و من أهم مسرحياتي :
مسرحية "مصرع كليوبترا"

مسرحية "مجنون ليلى" .. و هي مسرحية شعرية
و من أبيات المسرحية :-

مسرحية "قمبيز"

مسرحية "علي بك الكبير"

مسرحية "عنترة"

- ملهاة "الست هدى"

- أرجوزة "دول العرب وعظماء الإسلام" التي بلغ عدد أبياتها 1729 بيتاً.

- مجموعة مقالات صدرت عام 1351هـ تسمى " أسواق الذهب ".

- رواية "عذراء الهند" .


ما سر حصولك على لقب أمير الشعراء يا ترى  ؟!

شهد الجميع بعبقريتي الفذة .. فكان لي مكانة مختلفة في نفوس جميع الشعراء .
لذا تم إقامة مهرجان خاص في القاهرة قام الشعراء فيه بمبايعتي على السيادة في هذا المجال ،
و منحوني لقب(أمير الشعراء) سنة 1927 م

بعدها قام الشعراء بإلقاء القصائد في مدحي .. منها ما قاله "حافظ إبراهيم" :
أمير القوافي قد أتيت مبايعًا وهذى وفود الشرق قد بايعت معي..

إضافة إلى ما قاله الشاعر "محمود أبوالوفاء":
وخالد الشعر سوف يبقى مرايا تجتلي في صفائها الأشيـاء .... يا أمير البيان إنّ بيـاني فيـك اعتنت عبرتـه الأضـواء

و الآن نريد أن نتعرف على صفات شعرك و المجال الذي أهتممت به

أنتي تخجلين تواضعي الشديد

 .. و لكنني سأتحدث بكل وضوح  ..
تميز شعري بالتنوع فأبدع قلمي في كثير من المواضيع  .
فتارةً كتبت في مدح رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم .. و مما كتبته في هذا :-

وُلِـدَ الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء
الروح والملاء الملائك حوله للدين والدنيا به بشراء
وحديقة الفرقان ضاحكة الربا بالترجمان شذية غناء
والوحي يقطر سلسلاً من سلسل واللوح والقلم البـديع رواء
نظمت أسامي الرسل فهـي صحيفة في اللوح واسم محمد طُغراء
الذكر آية ربّك الكبـرى الّتي فيها لباغي المعجزات غناء


و تارةً كتبت في حب وطني مصر  ،
كتبت في السياسة و مشاكل الدولة [مما كان سبباً لنفيي إلى الأندلس ] ..
إضافة إلى أنني كتبت عن المواضيع الأجتماعية التي رأيتها في عصري .

من أكثر ما ميزني عن غيري من الشعراء هو تعبيري عما يدور بداخلي بكل شفافية و وضوح .
فما أعجبني أمتدحه و ما خالفته ذممته ، متجاهلاً صحة ما أتحدث عنه أو خطأه ، متجاهلاً رأي الآخرين.. مما يجعل كلماتي تتصف بسمة خاصة لأنها نابعة بكل صدق !!
أكثرت في شعري من نظم المدح ، تجنبت الهجاء [ لكنني لم أعرض عنه بالكامل ^^" ] ..
أستخدمت أسلوب الرثاء بأنواعه الثلاثة : الندب والتأبين والعزاء.
أستخدمت أيضاً الغزل بكثرة إضافة إلى الوصف .

تميزت بالذكاء و الفطنة و هذا ما يشهده لي زملائي و معلمي ..
فتحدث عني الشيخ البسيوني [ أحد علماء الأزهر ] عند الخديوي توفيق ، مما كان له الدور و الأثر الأكبر في اهتمامه بي .

لمحت أثناء جلوسي شيئاً جعلني إنه التقويم المعلق على الجدار .. اليوم .

. اليوم الذي عدت إليه

 إنه .. إنه الرابع عشر من اكتوبرعام 1932 .
لا يمكنني أن أبقى أكثر .. لا أريد أن أرى رحيل ذلك الشاعر العظيم ..

في ذلك اليوم غادر أحد أروع الأدباء .. لكنه خلف وراءه ذكرى عظيمة ..

ذكرى ستظل عالقة في نفس كل إنسان أهتم بالشعر الراقي ^^

ذكرى شاعر عظيم فتح أبواباً في الأدب العربي لم يطرقها أبداً شاعر قبله ..

الآن سأعود من حيث أتيت .. و لكن قبل عودتي كان علي أن أفعل شيئاً سرقــ .. أقصد أستعرت  يوميات الشاعر أحمد شوقي ..
لأحكيها لكم و نعرض بعض المقتطفات من سيرته العطرة

لنبدأ...

بعد عودة أحمد شوقي من منفاه إلى مصر بنى منزلاً جديداً في الجيزة على كورنيش النيل.. و الذي تحول فيما بعد للمتحف المعروف بـ ( متحف أحمد شوقي )
أُعد المتحف تكريماً للشاعر العظيم بعد وفاته .
بدا المنزل كقصر أبيض تحيط به حديقة خضراء ،
يوجد في تلك الحديقة تمثال للشاعر من البرونز نحته الفنان المصري "جمال السجيني".

و من بعده قامت الحكومة الإيطالية بصناعة تمثال لشوقي ، ليضعوه في أكبر حدائق روما .. ألا و هي "حدائق فيلا بورغيزي"

أُفتتح المتحف في السابع عشر من يونيو عام 1977 .
من ضمن محتويات المتحف مكتبة أحمد شوقي و التي تحتوي على 332 كتاب إضافة إلى أشعار مكتوبة بخط يده .
و عدد من الجوائز و الأوسمة و الهدايا و شهادات التقدير ،
و مجموعة صور و لوحات زيتية و العديد من التحف !!

|| بعثــوا الخـلافة سيرة في النـــادي أين المبـــايع بـالإمــام ينـــادي ||
مقولة أحمد شوقي الشهيرة و التي خطها قلمه و قد كانت الدولة العثمانية تسقط في الوادي السحيق .
لتقوم من بعدها حكومة الأنجليز التي أبتعدت كل البُعد عن تقاليد الدين الإسلامي و امتلأت بتقاليد الغرب .
لكن قلمه لم يتوقف .. فحسه الوطني كان يناشد الحرية في كل لحظة مما أدى إلى نفيه في عام 1914هـ ..
بقيَ أربع سنوات و نصف بعيداً عن تراب وطنه .. ثم عاد بعد أن هدأت الحرب العالمية الأولى

من البلدان التي حظيت بأهتمام "شوقي" هي "دمشق" .. فقد زارها مرتين .
و كانت زيارته الثانية في عام 1925 ، برفقة المطرب "محمد عبد الوهاب" .
و بادر سكان المدينة بإقامة الأحتفالات و الولائم ، و من أشهرها الحفلة التي أقامها الشاعر فخري البارودي في بيته بحي "القنوات" ،
و قد دعا إليها الكثير من الشعراء و الأدباء و الفنانين .
و قد نشر صاحب الحفل - الشاعر فخري البارودي – مقالة بعنوان ( ليالي الفن في بلاد الشام ) تحدث فيها عن أحداث الأحتفال .

جزء من المقالة :-

(( .. وأذكر أيضاً أن أحمد شوقي لم يتكلم في تلك الليلة وكان يجلس في الزاوية ينظر إلينا
وكأنه لا يرانا وكانت جفونه ترتعش بين حين وآخر كأنها تلتقي بوحي ،
وفجأة استيقظ شوقي من غفوته و..
سألني : عندكم قاموس ؟‏ .. وقلت : عندنا قواميس وهي " تاج العروس " و " المحيط " و
" وأقرب الموارد " !
و قال لي شوقي : - شوٌف لي ..
هل يصح لغة أن يقال ( بغدان ) بالنون بدلا ً من ( بغداد ) بالدال ؟
وفتحت القاموس وقلت له : يصح .. لقد ورد اسمها ( بغداد ) و ( بغدان ) و( بغذاذ )
وعرفنا أن أمير الشعراء كان ينظم ليلتها قصيدته الخالدة - قم ناج جلق وانشد رسم من بانوا ..
فعلمنا أيضاً أن شوقي كان يلذ له دائماً أن ينظم الشعر على أنغام صوت عبد الوهاب أو أي صوت شجي آخر)).

و قد أقام المجمع العلمي العربي بدمشق حفل للشاعر أحمد شوقي بمناسبة زيارته لدمشق ..
و في الحفل ألقى بعض الشعراءقصائدهم .. و منها ما أنشده الأستاذ "شفيق جبري" :-
(( غن َ الديار وقد نزلت بآلها فعسى القوافي أن تذكر آلها قم في ديار بني أمية باكياً
في الشام إن سمح الهوى أطلالها ))
و بعده الأستاذ "خليل مردم" وأنشد قصيدته :-
((يا شاعرا ً والدهر بعض رواته باتت عليك تحاسد الأقوام للعبقرية في قريضك
طامع وعليه من أي النبوغ وسام))

و من ثم تبعهم أساتذة الأدب و الشعر في إلقاء خطابات ترحيبية للشاعر شوقي .

ثم ترأس الأستاذ "نجيب الريس" المنصة ليلقي قصيدة أمير الشعراء – إذ كان أحمد شوقي يختار أحدهم لينوب عنه في إلقاء شعره –
لكن الحضور و ما أثاروه من ضجة مطالبين برؤية أمير الشعراء ،
قد دفع "شوقي" للظهور .. و وقوفه بجانب "نجيب الريس" حتى أنتهى من إلقاء ...
القصيدة الـ [دمشقية] :-
كانت تلك القصيدة من أروع قصائد الشاعر أحمد شوقي ..
تألقت قصائده و أشعاره فس ربوع الأدب ..
تألق و تميز بأسلوبه الراقي الرفيع .. أستطاع أن يأسر محبي الشعر في كل مكان
قصائده تمر على كل لسان ، كبيراً كان أو صغيراً - و إن كان ليس من محبي الأدب -
أترككم مع بعض تلك الروائع لتتعرفوا عليها .


| قصيدة قم للمعلم :-
تجلى أسلوب شوقي بهذه القصيدة في مدح المعلم ..
حيث أنه يؤدي مهمة جليلة و يحاول إيصال رسالة عظيمة ألا و هي العلم .
فها هو (المعلم) قد حظي بفرصة أن يكون المحور الأساسي في إحدى أعظم القصائد ..
فيقول شوقي :-

تغنٌى شوقي بمدح رسول الله صلوات ربي و سلامه عليه ..
فكتب قصيدته "نهج البردة" التي تحدث فيها عن خير البرية ، و خاتم المرسلين ..

قصه هرتي

 هرتي

يقول في "هرتي":

هرتي جِدُّ أليفة              وهي للبيت حليفة
هي ما لم تتحركْ            دميةُ البيت الظريفة
فإذا جاءت وراحتْ            زِيدَ في البيت وصيفة
شغلها الفأر تنقِّي           الرفَّ منه والسقيفة
وتقوم الظهرَ والعصـْ      ـرَ بأدوارٍ شريفةْ
ومن الأثواب لم تمـْ           ـلِكْ سوى فَرْوٍ قطيفة
كلَّما استونحَ أو آوى  البراغيثَ المطيفة
غسلته وكوته              بأساليب لطيفة
وحَّدتْ ما هو كالحمَّـ          ـام والماء وظيفة
صيَّرَتْ ريقتها الصَّابونَ والشاربَ ليفة
***

لا تمرنَّ على العيـ           ــن ولا بالأنف جيفة
وتعوَّد أن تُلاقي             حسن الثوب نظيفهْ
إنما الثوب على الإنْـ          ـسانِ عنوان الصحيفةْ
***

السفينة والحيوانات

ويقول في "السفينة والحيوانات":

لما أتَّم نوحٌ السفينة
وحركتها القدرةُ المعينة
جرى بها مالا جرى ببالِ
فما تعالى الموجُ كالجبالِ
حتَّى مشى الليثُ مع الحمارِ
وأخذ القطُّ بأيدي الفارِ
واستمع الفيلُ إلى الخنزيرِ
مؤتنسًا بصوته النكيرِ
وجلس الهرُّ بجنب الكلبِ
وقبَّل الخروفُ نابَ الذئبِ
وعطفَ البازُ على الغزالِ
واجتمع النملُ على الآكالِ
وفلَّتْ الفرخةُ صوفَ الثعلبِ
وتيَّمَ ابن عرس حبُّ الأرنبِ
فذهبت سوابقُ الأحقادِ
وظهر الأحبابُ في الأعادي
حتى إذا حطُّوا بسفح الجودي
وأيقنوا بعودةِ الوجودِ
عادوا إلى ما تقتضيه الشيمة
ورجعوا للحالة القديمة
فقسْ على ذلك أحوال البشر
وإن شمل المحذور أو عمَّ الخطر
بينا ترى العالم في جهادِ
إذ كلهم على الزمان العادي


قصة الثعلب والديك

  ( قصة الثعلب والديك )

قصة شعرية قصيرة لأمير الشعراء أحمد شوقى ,
تحكى قصة ثعلب إدعى الإيمان والزهد وحتى يستطيع أن يلتهم الديك كفريسة له ,
قد تكون هذه القصة قصة طريفة للأطفال , ولكن فى واقع الأمر هذه القصة تحكى عن أيامنا هذه وقد كثر أمثال الثعلب ,
والذين يلبسون عباءة الإسلام ليسترون بها أطماعهم الشخصية ,
وأصبحوا يطلقون الفتاوى المضللة للمسلمين بغير علم ,
ولكن هيهات , فإن الله متم نوره ولو كره الكافرون والمنافقين

قصة الثعلب والديك

برز الثعلب يوماً
فى شعار والواعظينا

فمشى فى الأرض يهذى
ويسب الماكرينا

ويقول : الحمد لله
إله العالمينا

ياعباد الله توبوا
فهو كهف التائبينا

وازهدوا فى الطير إن
العيش عيش الزاهدينا

واطلبوا الديك يؤذن
لصلاة الصبح فينا

فأتى الديك رسول
من إمام الناسكينا

عرض الأمر عليه
وهو يرجو أن يلينا

فأجابا الديك :عذرا ً
ياأضل المهتدينا

بلغ الثعلب عنى
عن جدودى الصالحينا

عن ذوى التيجان ممن
دخل البطن اللعينا

إنهم قالوا وخير
القول قول العارفينا

مخطىء من ظن يوما ً
أن للثعلب دينا

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | 100 Web Hosting ta3rib : Abed