الفصل الرابع
لا تكاد تخلو قصيدة وطنية في الشوقيات من التنويه بالعلم قديما وحديثا ،فبالعلم أشعت مصر قديما علي مختلف الأصقاع حتي لهج الناس بفضلها ، وبالعلم
اكتسح العرب قديما أعظم الحضارات ، فلما أبتلي العقل العربي بالجمود
والانحطاط وانتابه الجهل كالداء العضال فرط في مكتسباته . ولهذا اقترنت في
شعر شوقي دعوتان متلازمتان : الدعوة إلي كسب العلم ، والدعوى إلي محاربة
الجهل في شتي أشكاله .
أما الدعوة المكملة للعلم ، فهي ضرب الحصار علي الجهل أينما كان ، وإيصال
العلم إلي كل فرد ومساعدته علي متابعة تحصيله ولا غرابة فصوت المصلحين قد
جعل العلم كالماء والهواء ينبغي أن يتمتع به كل إنسان وما كان لشوقي أن
يغفل عن دور الجهل في تركيز دعائم الاستعمار وتمكين دائه في جسم الشعوب
وعقلها وروحها :
كالجهل للشعوب مبيدا إني نظرت إلي الشعوب فلم أجد
وإذا علمنا أن مصر وسائر البلاد العربية ارتفعت فيها أصوات حرة تدعو إلي
التعليم وتمقت الجهل ، علمنا أن هذه الأصوات لم تجعل الفتاة بمعزل عن
العلم ، واعتبرت عقل الفتاة إذا تعلم سرب المعرفة إلي الناشئة وبث فيهم
روح الوطنية ، ومن هذه الأصوات صوت قاسم أمين في مصر والطاهر الحداد في
الجزائر ، وكان شوقي مساندا لقاسم أمين في دعوته إلي تعليم الفتاة وقد أكد
قناعته بما رآه من آيات المعرفة عند المرأة في الحضارة العربية الإسلامية
، فدعا إلي استعادة تلك الأمجاد ، وغلي صقل عقول الفتيات :
وحضارة الإسلام تنط ق عن مكان المسلمات
بغداد دار العالمات ومنزل المتأدبات
أم الجواري النابغات ودمشق تحت أمية
وكما أدرك شوقي قيمة المتعلم أدرك أيضا قيمة المعلم الذي ينقل العلم جيلا
بعد جيل ، ويفتح أكمام العقول ، وينير السبيل بمصباح العلم ، فخص في فضل
المعلم قصيدا مطولا نوه فيه بفضائله ، وعد منزلته تضاهي الرسل والأنبياء
فحمله عبء هذه الأمانة وحمل الناس واجب تبجيله :
كاد المعلم أن يكون رسولا قم للمعلم وفيه التبجيلا
أعلمت أشرف أو أحل من الذي يبني وينشئ أنفسا وعقولا ؟
تلك هي في نظرنا أهم المعاني الوطنية في شعر شوقي فخر بمصر حضارتها
وأمجدها ، وولاء لها وتفان في حبها ومناضلة الاحتلال من أجلها وإشادة
بجهاد زعمائها وأبطالها ودعوة حارة إلي وحدة أبنائها ومنافحة صادقة عن
معتقداتها ودفاع مستميت عن دساتيرها وأسباب مناعتها وغيره شديدة علي
الإسلام وحياضه والأمة العربية وأرضها وكيانها سبيل كل ذلك علم ينير
العقول ويبصر القلوب فتقوي الأمة وتسترد مجدها وسناءها .
ثانياً : الخصائص الفنية في وطنيات شوقي
تعرضنا سابقاً إلي معاني الوطنية في شعر أحمد شوقي وهي معاني حضارية
وثقافية وسياسية وأخلاقية – اقتضت خصائص فنية وأساليب شعرية تهبها تألقاً
وجمالاً وقوة في التأثير ووجاهة في الإقناع .
ثالثاً : بناء القصيدة
مستجيبة تقريباً لعمود الشعر الذي نبه إليه قدامه بن جعفر رغم حداثة
الموضوع الذي ينظم فيه . فأنت مازلت تجد الوقفة الطللية ومازلت تجد الحديث
عن الرحلة والراحلة باللغة القديمة التي تذكرك بالصحراء والفيافي والنياق
والخيول ، ومازلت تجد بث لواعج الشوق والمحبة إلي الأحبة والخلان ، غير أن
الممدوح لم يعد هو ذاك الذي عرف قديماً وإنما هو الوطن مصر والشعب الذي
عاش بين أحضانه . يقول :
نشجي لواديك أم نأسي لوادينا يا نائح الطلح أشباه عوادينا
ماذا تقص علينا غير أن يدا قصت جناحك جالت في حواشينا
أخا الغريب : وظلا غير نادينا رما بنا البين أيكا غير سامرنا
من الجناحين عي لا يلبنيا وإذا دعا الشوق لم نبرح بمنصدع
تجيش بالدمع والإجلال يثنينا رسم وقفنا علي رسم الوفاء له
هذا مطلع من قصيدة عارض بها شوقي ابن زيدون استهلها بالوقوف علي الأطلال
علي طريقة الشاعر الجاهلي وأن من يقرن نونية ابن زيدون :
وناب عن طيب لقيانا تجافينا أضحي التنائي بديلاً من تدانينا
إلي نونية شوقي يستطيع أن يلاحظ أن نونية ابن زيدون كلها لوعة وحرقة وشكوي
من البين والأعداء والزمن وأنها مشحونة بعتاب حبيبته ولادة في تضاعيف كل
ذلك وأثنائه ، أما شوقي فاستهل قصيدته بمناجاة طائر حزين يرسل شجوه بوادي
الطلح في ضاحية أشبيلية وكأنه يعبر عن حزنه ولوعته لفراق وطنه ، فقد وقف
علي الرسوم الدارسة ولكنها ليست أثار مقام الحبيبة وإنما هي رسوم الحضارة
العربية الإسلامية تذكره ببلده وبملاعبه وهو حين يخاطب البرق لا يحمل تحية
إلي الحبيبة كابن زيدون في قوله :
يا سارق البرق غاد القصر واسق به من كان صرف الهوي والود يسقينا
وإنما ليستهديه تحية إلي منازله بالنيل وتحسس رائحة وطنه .
هذا هو البناء الذي يسم أشعار شوقي الوطنية من الاستهلال إلي جوهر القصيدة
أما خواتم القصائد فعادة ما تكون حكمة تختزل القيم الوطنية التي تناولها
علي نحو ما سنبنيه لك في الفصل الخاص بالحكمة عند شوقي .
الفصل الخامس
أفاض النقاد قديماً وحديثاً في تعريف الصورة الشعرية ، وقد رأينا أن
نوجزها علي هذا النحو : الصورة الشعرية هي لغة الحواس والشعور ، ووسيلة من
الوسائل التي تصوغ الفكرة المجردة في شكل محسوس .
وقد تواترت في شعر كل من أحمد شوقي و أبي القاسم الشابي التشبيهات والاستعارات ، فأدت معاني الوطنية في أجمل إخراج وأجل صورة .
أ – الصورة الشعرية القائمة علي التشبيه
التشبيه عملية تتمثل في وضع دالين متميزين يقابلهما مدلولان يظهران
تماثلاً بينهما مع إيراد لفظة دالة علي تشابه الحقيقتين المذكورتين ، إنه
صورة تقوم علي تمثيل شئ محسوس أو مجرد بشئ أخر حسي أو مجرد لأشتراكهما في
صفة واحدة أو أكثر ، حسية أو مجردة ، الغاية منها تقريب المعني من الأذان
أو إخراجه من حال الغموض إلي حال الوضوح لغاية إمتاع النفس أو إقناع العقل
بواسطة التحسين والتقبيح . وقد ذكر ابن رشيق في باب التشبيه قوله :
التشبيه الحسن هو الذي يخرج الأغمض إلي الأوضح .
وقد اعتمد أحمد شوقي في وطنياته التشبيه لعدة أغراض من أهمها تأكيد حبه
لوطنه والإقناع بهذا الحب ليغري به غيره ويحفزه عليه ، ولذلك تراه يشبه
الوطن بالأمل وعهد الشبيبة تارة ويشبه بالعقيدة الدينية تارة أخري
وبالكعبة المشرفة تارة ثالثة وبالجنة طوراً رابعاً وبالثمار الذكية طوراً
خامساً ، يقول في قصيدته بعد عودته من منفاه :
كأن قد لقيت بك الشبابا ويا وطني لقيتك بعد يأس
عليه أقابل الحتم المجابا ولو أني دعيت لكنت ديني
إذا فهت الشهادة والمتابا أدير إليك قبل البيت وجهي
لقد جاء طرفا المعادلة في هذا التشبيه شبه ماديين ، ( لقاء الوطن / لقاء
الشباب ) إلا أن طبيعة المشبه به وما تنطوي عليه من رقة وشفافية وغناء قد
سمت به عن التقرير والتعادل ، فالشباب أمل وطموح وفتوة وتخط للصعاب توسل
به الشاعر لتقريب ما انفرد به واختص به وحده من عشق الوطن وفرحة بالعودة .
غير أن الشاعر بعد تشبيهه فرحة العودة إلي الوطن بفرحة الشيخ برجعة الشباب
إليه ، بلغت به غلواؤه إلي مجاوزة التوقير الديني فوحد بين العقيدة والوطن
إذ جعل من مصر ديناً يلقي عليه ربه في اليوم الأخر لو أنه قضي نحبه وهو في
المنفي .
ب – الصورة الشعرية القائمة علي الاستعارة
تعد الاستعارة ركناً رئيسياً في تكوين الشعر وخلق الصور ، وهي عند بعضهم
الأصل في تطور اللغة لأنها هي الأساس في استخدام الكلمات استخداماً جديداً
. فالإنسان عامة والشعر خاصة يضطر للتعبير عن حاجته أو رؤيته الجمالية إلي
استخدام نفس الكلمات في سياقات جديدة علي سبيل الاستعارة فيصوغ الواقع
صوغاً جديداً .
وقد قال ابن رشيق في العمدة عن " الاستعارة " الاستعارة أفضل المجاز وليس
في حلي الشعر أعجب منها ، وهي من محاسن الكلام إذا وقعت موقعها ونزلت
موضعها .
وقد أورد ابن رشيق قول القاضي الجرجاني في تعريف الاستعارة : الاستعارة ما
اكتفي فيها بالاسم المستعار عن الأصلي ، ونقلت العبارة فجعلت في مكان
غيرها ، وملاكها بقرب التشبيه ، ومناسبة المستعار للمستعار له ، وامتزج
اللفظ بالمعني حتي لا يوجد بينهما منافرة ، ولا يتبين في أحدهما إعراض عن
الأخر .
وقال الرماني : الاستعارة ، استعمال العبارة علي غير ما وضعت له في أصل اللغة .
ونجد نحن في أشعار شوقي الوطنية ألواناً من الاستعارة تخيرنا منها ما يلي:
يقول شوقي من قصيدة ألقاها 1897 .
أنها تصغي بلا أذن دار من أحببت أيتها
طالب اللذات ليس يني وفؤادي لا رشاد له
وهو خفاق علي الوهن أو هنته الحادثات هوي
هيكل يهفو علي وثن كل ركن كل زاوية
خلع الأسرار كاهنه وبغير الحسن لم يدن
تشكل هذه الأبيات استعارة كبيرة حل فيها شوقي الوطن محل الحبيبة ، وصاغها
وفق مثال سابق في الشعر العربي تمتزج فيه ذكري الديار بذكري العهود امتزاج
الروح بالبدن . وآلف بين المعني الغزلي ومعجمه ومعني الوطن : ( من أحببت ،
فؤادي فاقد الرشد ، طالب اللذات ، واهن من المصائب والهوي ، خفاق أبداً
رغم وهنه ) .
ثم ما هي الشاعر بين صورة المعبود وصورة الوطن منتقلاً إلي معجم جديد
تتعانق فيه المعاني ( الهيكل – الوثن – الأسرار – الكاهن ) . أنها تراتيب
ناسك في معبد محبوبة مقدسة هي " مصر " هي رمز المحبة والحسن والحياة ،
تتناغم في وصفها المعاني الغزلية بالمعاني الدينية لتؤدي المعني الوطني ،
هي إذاً أقانيم ثلاثة تتداخل الحب والجمال والألوهية .
إن الاستعارة التي ابتدعها شوقي بهذا التمازج واسع الأطراف ما يلبث أن
يكشف عنها في أخر بيت في القصيدة إذ ينزع الإنسانية بكل أبعادها عمن لا
وطن له .
ليس إنساناً بلا وطن إن إنساناً تقابله
وما تلبث الملاعبة اللفظية أن تنجلي عن المعني الوطني إذ يصبح الوطن هو
القطب الذي يجتذب كل المعاني وتدور حوله كل الأحاسيس الإنسانية .
ج – الصورة النغمية أو الرصانة الشعرية
الشاعر الوطني في عرف بعض الأدباء هو الأديب الذي يكون ثائر النفس جياش
الفؤاد ، قادراً بما يملكه من فصاحة وقوة بيان علي صب ثورة نفسه في قلوب
أبناء أمته فيثيرهم ويثير أحلامهم ويجيش هممهم ويوقظ نائم أحقادهم ، وهو
الذي يرفع لهم مثل الحياة الحرة الشريفة العزيزة ويهزهم هزاً إلي صراع
عدوهم وإن اشتد بطشه وجبروته ويحبب إليهم احتمال الأذى ولقاء الردي
ويحملهم علي الجود بالنفس والمال والولد ونعيم الحياة وراحة الحياة الدنيا
.
فالشاعر بهذا المعني يعد لسان الأمة الصادق والمترجم عن شعورها والحافز
لهمتها والمستل لعوامل اليأس والاستكانة في نفوس أبنائها والمفاخر بأثارها
والمنافح عن أمجادها .
وليكون الشاعر هذا اللسان المعبر عن آمال الشعب وآلامه لا بد له من الاختلاط به والاندماج فيه ومشاركته عواطفه وميوله .
وبهذا يفهم الشعر الوطني علي أنه وسيلة قبل أن يكون غاية وأداة قبل أن
يكون فناً يطلب لذاته ، ومن ثم وجب أن يتوخي له الشاعر أساليب مخصوصة
تلائم الأحداث والأوضاع ووجب أن ينتقي له اللفظ القوي الجذاب والصورة
الموثقة المؤثرة وأن يجتنب فيه الإغراب والتعمية والإلغاز لكي تقع أفهام
السامعين علي معانيه في سهولة ويسر ، كما يجب أن يتخير له من الأوزان
والصيغ ذات التوقيع النغمي الهزاز الذي يسهم في إلهاب المشاعر وإثارة
الحمية .
وإذا صحت هذه المقدمات تجد شوقي استجاب لها حيناً وجانبها أحياناً . فأنت
تقرأ شعره الوطني لا تري فيه خطيباً مفوهاً أو سياسياً مجلجلاً محرضاً
وإنما تستخلص من تضاعيفه ذلك الرجل الهادي الطبع الوديع النفس الذي عاش في
جو من التأملات وذكريات الماضي البعيد المليء بتاريخه وديانته وأحداثه
وعبره ، وتلمس من خلال كل ذلك ملامح المعلم الناقد الذي يصوغ ما حصله من
علم حكماً ونصائح وتوجيهات يزجيها إلي الناس لكي يعملوا بها حياتهم أو
يستنيروا بها فيما يختارون ويذهبون إليه ، لذلك طغي الإخبار علي شعره
والتسجيلية الحرفية للوقائع والأحداث يوثقها ثم يبلغها للسامعين بلغة فيها
كثير من مشاعر العطف والتأثر ولكن فيها نصيب وافر من العقل والحكمة .
ويقول :
وحبك في صميم القلب نام أحبك مصر من أعماق قلبي
إذا ظهر الكرام علي اللئام سيجمعني بك التاريخ يوماً
لأجلك رحت بالدنيا شقيا أصد الوجه والدنيا أمامي
وهيتك غير هياب يراعا أشد علي العدو من الحسام
فأنت في هذه الأبيات لا تلمس تلك اللهجة المثيرة المنتظرة من قصيدة وطنية
ولا تقف علي لغة متوترة أو مستفزة ترج وتجرف لكان صاحبها يريد إخضاعها
لسلطان العقل والفن معاً .
ولا تظهر هذه العاطفة الهادئة الرصينة في ما نظم شوقي عن الوطن وعلاقته
الخاصة به وإنما تتبدي لنا أيضاً في ما قاله في كبار الحوادث وجليل
الوقائق مثل كبار الحوادث في وادي النيل " أو نكبة دمشق " حيث يقول :
لحاها الله أنباء توالت علي سمع الولي بما يشق
تكاد لوعة الأحداث فيها تخال من الخرافة وهي صدق
وقيل معالم التاريخ دكت وقيل أصابها تلف وحرق
ومرضعة الأبوة لا تعق ألست دمشق للإسلام ظئراً
وللأوطان في دم كل حر يد سلفت ودين مستحق
وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق
تقرأ هذه الأبيات فتجد الشاعر يعرض لك الواقعة بأسلوب إخباري عرضاً هادئاً
غير مشبوب ويفحصها فحصاً عاقلاً لكنه لا يخلو من مشاعر الحزن ولا يعدم
قولاً حكيماً أيضاً ، جاء هكذا كله في لغة مباشرة لا غموض فيها ولا التواء
وحتى إن بدت بعض العبارات قليلة الخصب الذهني والعمق العقلي مثل قوله :
وقيل معالم التاريخ دكت وقيل أصابها تلف وحرق
فإن المهم لدي الشاعر أن يكون شعره سهل المأخذ قريب الغور .
إلا إن حديثنا عن رصانة شوقي الشعرية وميله إلي النقل الهادئ للأحداث
والنقد الرزين للمستعمر وأذياله والنصح الرشيد لأبناء الوطن بلغة شعرية
طغي عليها الإبلاغ فإنه لا يعدم شعراً حماسياً جاء في أساليب إنشائية نمت
عن ثورة في النفس أو غضب يمور به صدره فجاءت صوره البيانية جلية ناصعة
وافرة الخصب والرواء .
الخاتــــــمة
وبعــــــــــد :
اللغة الشعرية :
كان شوقي يعني أشد العناية بتوفير عناصر الجمال اللفظي لشعره ، ولعل
احتفاله بالمعني كان لا يضاهي احتفاله باللفظ فالصنعة والديباجة ونسيج
الكلام أمور مقدمة في قول الشعر لديه وقد يكون في أقصي ضميره يؤثر البيت
الجيد اللفظ علي البيت الجيد المعني من شعر الشعراء القدامى الذين كان
شديد الإعجاب بهم والتأثر بفرائضهم . لذلك نجد لغة الشعر لغة البيان الأول
متانة وحسن سبك وجودة صياغته ، ومما لا شك فيه أن شوقي كان يتخير لفظه من
المنتج اللغوي القديم في عهوده المشرقة ويعمد إلي إعادة حياكته بمواضيع
جديدة وخاصة منها الموضوع الوطني .
غير أن العودة إلي القديم واتخاذه أداة إنشاد وإبلاغ في مواضيع حديثه أحدث
نوعا من الارتباك في اللغة الشعرية لدي أحمد شوقي لذلك تري القصيدة
الواحدة وقد عجت بلغة الصحاري والخيل والسيوف والرماح والأبقار الوحشية
والغزلان وإلي جانبها لغة السياسة الجديدة من دستور وبرلمان وشعب واستقلال
ووطن ومهرجان ومؤتمر وحزب ومستعمر وغيرها .
يقول مستعملاً لغة قديمة :
ل العسجدية ينثنين الخيل حولك في الجلا
وعلي نجادك هالتا ن من القنا والدارعين